صقيع رياح الشتاء لم تطفئ لهيب الغضب في نفس ذاك الشاب الذي لم يعرف كيف يعبر عنها سوى بإيذاء نفسه ! فقدم روحه مشعلاً أوقده بأنامله ليحمله الآخرين في دياجير الظلم والتعسف والفقر والبطالة التي احتقنت بها صدورهم وحولتهم إلى قنبلة موقوتة كانت شعلتها ذاك الشاب لتنفجر عن غضب عارم وتؤجج ثورة لم يدفع أحد ثمنها سواهم . ورغم أن الثمن أرواحٌ زهقت ودماءٌ هدرت وأشلاءٌ تناثرت . إلاّ إنها ضرورة حتمية في طريق إعصار التغيير .. وليس المشكلة في أعداد الأجساد البشرية التي دفعت الفاتورة وإنما ما ستؤول الحالة له من فوضى وانهيار أمن وتصدع الاستقرار وتصارع تيارات بين البناء والهدم . ولنا في أحداث الدول العربية السابقة خير مثال فمازالت الصور رمادية والرؤية غير واضحة وغبار الإعصار لم يهدأ أبداً ..
أحداث تونس .. تطايرت التساؤلات حولها أكثر من الحقائق !! هل القادم أحسن حالاً من الماضي ؟! وهل الخلف أفضل من السلف ؟! هل التيارات ستتحد ؟! أم ستختلف وستُقسِّمْ الشعب بينها ؟ هل ستتنازع على السلطة أم المال ؟ أم ستحفظ الثروات ؟ ويعم الرخاء وتزدهر النهضة ؟ هل ستنزلق الجزائر والأردن إذا مرّ عليهما إعصار مماثل ؟ وهل ستصل الأمور بالشعوب العربية إلى فوضى عارمة ؟؟ وانهيارات مفزعة ؟؟ تفرِّح أعدائنا , ويشمت بها حسّادنا !! وننشغل بالانقسام والطائفية والتباغض والتناحر والجرائم ونفرغ مخزون طاقتنا وحيويتنا ونشاطنا في الصراعات بيننا ونعطل بناء أنفسنا وبناء عالمنا والسعي للتقدم ومواكبة العالم من حولنا وتوفير هممنا وتغذية إرادتنا بالعزم على الإصلاح والرقي ونشر الخير وبسط السلام ..
ما يخبئه القدر اليوم،، سيسطره التاريخ في الغد !!!!! وسيبقى الحي منا شاهد على العصر ...